الغفلة وعواقب الغفله

(( الغفله ))
يطول الكلام عن الغفله وتقصي اسبابها وانواعها واثارها وربما من الصعوبة بمكان الإلمام بذلك خاصة في هذا الزمان الذي طغت عليه الفتن وتنوعت واستشرت الغفله تبعاً للفتن واصبحت ملازمة لأغلب الناس شأوا ام ابوا فلا تسأل عن البلاهه والسرحان والسهو والتوهان وقلة التركيز واختلاط الأفكار وتشويش الذهن وعدم التفريق بين الصالح والطالح وبين الحق والباطل وبين الحقيقة والكذب وبين الجد والهزل ، ألسنا نرى ذلك بأم أعيننا ونسمع بشنوف اذاننا والبعض يميز هذا من ذاك وهم القله والبعض الاخر وهم الكثرة الغالبه مع التيار ومع هوى النفس ومع اتجاه العامه حتى ولوكان بالاتجاه المعاكس لايهم فهم لايستخدمون تفكيرهم ان وجد عندهم تفكير ٍ مستقل عن الاتجاه العام للغالبيه اوكما يسمى مجازاً تفكير القطيع اخذت الغفله بمجامع افئدتهم ولا فكاك منها الا ماندر فالغافل قليلاً مايفيق من غفلته ويتحرر من هوى نفسه الا ماشاءالله .

وهناك من يرى ان الغفله تنقسم الي غفلة عامه واخرى خاصه وهنا سأتكلم بعون الله تعالى عنها بشقيها العام والخاص :

فالغفله العامه : هي غفلة الناس اواكثرهم عن امورهم الحياتية الجوهريه كالموت والحياه والجنة والناروالمعاش والمعاد والامن والامان وحراسة الفضيله والتحلي بالاخلاق الحسنة والنبيله وغيرها مما يهم الناس جميعاً وعدم التفكير بهذه الأمور وكأنها لاتعنيهم من بعيد اوقريب فاهتماماتهم لاترقى الي مستوى التفكير بهذه الامور العامه فهناك برايهم جهات اعتباريه تهتم بذلك وربما توجد لديهم حجة تدل على العجز والخور وقلة الحيله عندما يقولون هذه الأمور ليس بأيدينا شيء نستطيع نعمله بشأنها فمآلنا مآل غيرنا وهي مسيّره كمايزعمون بطبيعتها ويركن الجميع الى هذه الصورة القاتمة المشوشه والدعة والاستكانة اليها وليس الامر كذلك ولكنها غلبة الغفله على العقول بزمن الفتن .

اما الغفلة الخاصه : هي الغفلة الفرديه للانسان عمايصلح شانه في حياته وبعد مماته كالتهاون بأداء الواجبات الدينيه والدنيويه واتصافه بقلب ساه لاه يسوّف ويطوّف يطلب الادنى بالذي هو خير أفقه ضيق وتفكيره وقتى لايتجاوز ساعته التي يعيشها فإذا انقضت ساعته انقضى اهتمامه فهو بمعنى اصح يعيش لوقته ، يرى غيره يعمل أعمال ويقول أقوال ليس لها برأيه مردود آني فيرى بنظرته المحدوده بان هذا وما يعمله تضييع لوقته وبهجته وسروره وراحته ، كان يرى انسان يعتاد المساجد اويصلي النوافل اويصوم التطوع اويقوم الليل اويحج اويعتمر اويداوم على الاذكار والاستغفار وتلاوة القرآن فكل هذه تتنافا مع غفلته ولهوه وسهوه وانبطاحه لايرى ابعد من ارنبة أنفه وهذا للأسف ديدن اكثر الشباب وبعض الكهول الذين انخدعوا بزيف الحياة المترفه والحضارة المزعومه التي طغت او كادت تطغى على كل فضيله وسلوك حسن وكل ماهو جدّيّ ونافع نفعاً متعدياً لزمانه ومكانه ،وتحول المفاهيم والاعراف والحقائق الي احلام وتاريخ انطوى واندثر بزعمهم .
ونسي الإنسان اوتناسا ان الله تعالى لم يخلقه الا لعبادته قال الله تعالى (وما خلقت الجن والإنس الا ليعبدون ) فمن هنا يكون التدين والعبادة وتادية الواجبات الدينيه في زمن الفتن والهرج والدعة والسكون واضطراب العقول وسهو الناس وانشغالهم بما لم يخلقوا من اجله يكون اكبر قدراً واعظم اجراً عند الله تعالى فمن عدله وحكمته الا يستوي مع قدر وأجر العمل في الازمنه الامنة الفاضله المهيأه للطاعه والعمل الصالح فشتان بين هذا وذاك
بالصبر والمعاناه والمشقه وأطر النفس على ما يخالف هواها .

والغفلة العامة والخاصة ملازمة لبني آدم منذ هبط آدم وزوجه إلى الأرض الا مارحم الله تعالى وقد أشار القرآن الكريم الي ذلك في أكثر من اية كريمه قال الله تعالى وقوله الحق (اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة
معرضون)
وقال تعالى (لاهية قلوبهم)
فقد انشغلوا بدنياهم عن اخرتهم برغم قرب انتهاء الدنيا ودنوا الاخره كما يعلم ذلك من النصوص المحكمه في القرآن والسنه وقبل ذلك قرب انتهاء الاجل لكل إنسان وقيام قيامته بموته وهو سادر ٍ لاه بدنياه وملذانها وزخارفها وقد اتبع نفسه هواها ووضع نفسه في زمرة العاجزين بأختياره فالكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله الاماني .
ولا شك بأن الله تعالى يجتبي إليه من يشاء من عباده فكم من غافل ٍ عمره كله اوجله اجتباه الله تعالى واصطفاه برحمته كما في حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان احدكم ليعمل عمل اهل الجنه حتي مايبقى بينه وبينها الا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل عمل اهل النار فيدخلها وان احدكم ليعمل عمل اهل النار حتى مايبقى بينه وبينها الا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل عمل اهل الجنه فيدخلها الحديث اوكما قال صلى الله عليه وسلم
وقال صلى الله عليه وسلم يأتي على أمتي زمان القابض فيه على دينه كالقابض على الجمره اوكما قال صلى الله عليه وسلم وذلك لكثرة الفتن والمنغصات والملهيات والمغريات والمضايقات ومايتعرض له من نظرات الازدراء والاستهزاء سواء عند أداء واجباته وشعائره الدينيه اوحتى مظهره وهندامه المتدين فإذا صبر ولم تثنيه هذه الممارسات عن مبدئه ومعتقده فبتمسكه كأنه قابض على جمرة من النار فلله دره ،فلا احد يحول بين العبد ورحمة ربه فالله تعالى غفور رحيم ولكن اللهو والغفله والبعد عن اسباب الرحمة والمغفره تجعل الإنسان في مهب الريح قال تعالى(وماتدري نفس ماذا تكسب غداً) الايه فاي غفلة هذه التي ستؤدي بك الي الهلكه والمصير المظلم ألست تحمل بين جنبيك قلباً نابضاً وفي ام راسك عقلاً واعياً وفي صدرك ضميراً جامعاً ألم يمنحك الله تعالى بفضله صحة وعافيه ورزق وجده لتستعين بها على طاعته وعبادته ورضاه وتحمده وتشكره على ان جعلك من أمة محمد صلى الله عليه وسلم وتمتع بخيريتها كونها خير أمة أخرجت للناس قال الله تعالى(كنتم خير أمة أخرجت للناس )الايه

وفقنا الله تعالى جميعاً للهدى والتقى والصبر والاحتساب والصراط المستقيم ووقانا الفتن ماظهر منها ومابطن وأبعد عنا اسباب الغفله

هذا والله اعلم واحكم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
كتبه/بقيش سليمان الشعباني
الخرج / ١٤٤٣/٨/١٠ للهجره

You might also like