الصداقه والاصدقاء
عمر الإنسان إذا مد الله تعالى فيه يتكون من مجموعة كبيره من تجارب متعدده وخبرات متراكمه ونتائج متنوعه ومنعطفات كثيره تثري مجال حياته الرحب وتختلف من شخص لآخربإختلاف الاهتمامات والرغبات ونوع العمل والسعي وصدق التوجه والقصد ويكون الانسان قد وجد حصيلة تجارب العمر بين حلو ومر وصالح وطالح وجميل وكئيب وصدق وكذب وجد وهزل وسعادة وشقاوه وراحة وتعب وهدو وصخب وصحه ووصب وتفلل ونصب وطراوة وذبول وفرح وترح وسعه وضيق وجدة وفاقه وحب وبغض وعداوة وصداقه وقدمت العداوة على الصداقه بخلاف ماقبلها لان الصداقه هي عنوان المبحث وبيت القصيد في هذاالمقال فماذاعن الصداقه وانواعها وعن الأصدقاء واختلافهم في المخبر والمنظر والقول والفعل ؟ وهل الصديق صادق في صداقته دائماً ؟وهل الصديق كالقريب؟ وماهي أنقى وأصدق وادوم وأنفع صداقه حدثت في تاريخ البشر؟ فاللهم ألهم ووفق وسدد ودل ويسر وانت المستعان .
اما عن انواع الصداقه فيقال ثلاثة انواع :
١-صداقة منفعه وهذه تعتمد على تبادل المصالح والنفع المتبادل بين الطرفين في الأمور الدنيويه واستمراريتها تتوقف على استمرار حاجة الصديقين لبعضهما وقيام كل منهما بما يتطلبه الموقف وتنقطع هذه في الغالب عندما تقل اوتنعدم المصالح بينهما او يبتعد أحدهما عن الاخر في المُقام .
٢-صداقة المتعه وتعني صداقة المجالسه والمسامره او الاشتراك في اي نشاط بدني ورياضي او صحبه في رحلات اورفقة في استراحات او زمالة عمل اوجوار اوغير ذلك من التقارب الوقتي وهذه كذلك ربما تنقضي بإنقضاء مسبباتها .
٣-صداقة الفضيله والطيب والخله والمحبه وانجعها الصداقه والخله والمحبه في الله تعالى وهذه في الغالب لا انقطاع لها ولا انقضاء حتى بعد انقضاء العمر لها ديمومة خاصه واستمرارية عجيبه لعلنا نقف عند ادلتها قال الله تعالى (الإخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدوالا المتقين) وقال تعالى ( ولا صديق حميم) وقال النبي صلى الله عليه وسلم الرجل على دين خليله فلينظر احدكم من يخالل وقال صلى الله عليه وسلم لاتصاحب الا مؤمناً ولاياكل طعامك الا تقي وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير فحامل المسك أما ان يحذيك وامان ان تبتاع منه واما ان تجد منه ريحاً طيبه ، ونافخ الكير اما ان يحرق ثيابك او تجد منه ريحاً منتنه.
وصداقة المحبه تعني الخلة العميقه والصحبة النقيه والاخوة الخالصه في الله تعالى والتي لايرجى من ورائها مصالح او فوايد الا ما كان في جنب الله تعالى وقد تجلت في اسمى معانيها وأعلى مراتبها وانبل مقاصدها في أشهر صحبه وصداقه ومحبه عرفت في تاريخ البشر الا وهي صحبة وصداقة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وصاحبه ابو بكرالصديق رضي الله عنه فقد صاحبه على السراء والضراء وفي المغنم والمكره وصدقه حين كذبه الناس وذاد عنه في كل مايملك من مال ٍ وجاه وفداه بنفسه عندما أخرجه قومه فتقدمه في غار ثور وفي ليل بهيم يتلمس الثعابين والعقارب حتى لاتؤذي الرسول وفي الطريق يتقدمه احيانا ويمشي خلفه احياناً وعندما سأله عن السبب قال اخاف عليك الكمين فأمشي أمامك واخاف عليك الطلب فأمشي خلفك ووضع ماله وأسرته في سبيل نصرته فهذا مولاه عامر بن فهيره يأتي بالغنم إليهم بالغار عندما يحل الظلام ليذبحوا منها ويحلبوا وهذه ابنته اسماء ذات النطاقين تأتي لهما بالطعام وهذا ابنه عبد الرحمن يأتي لهما بأخبار القوم ثم عندما هاجرا مع النبي الي المدينه وترك عائلته في مكه سأل ابوه ابوقحافه وكان كفيفاً عائلته ماذا ترك لكم فأخذت ابنته صرة من الحجاره وقالت ترك لنا هذا المال فقال أما وقد ترك لكم هذا فلا عليكم وقد اعد راحلتين رجاء الهجره قبل الأمر بها واخذ رضي الله عنه من صداقته وصدقه وتصديقه صفته الي يوم القيامه (أبوبكر الصديق) .
فهذه الصداقه التي لاتشوبها شائبه بل هي أعلى مراتب الصداقه على الإطلاق فهي مبنية على اساس متين لاعلاقة لها بمصالح الدنيا او المتعه والمنفعه ، ولنا بها أسوة حسنه فهي لاشك مثال يحتذى في الإخلاص والوفاء والصدق والامانه والكرم والشجاعه والإثار .
والصداقة الحقيقيه هذه هي التي تدوم ولاتنقطع اوتضمحل اوتفتر اوتضعف حتي مع البعد الجسدي وانقطاع التواصل لفترات طويله فالود محفوظ والمواقف الجميله مذكورة مشكوره ، والصداقة الصادقه من نعم الله تعالى التي أنعم بها على الإنسان ففيها تقال العثرات وتهزم الملمات وتقضى الحاجات والاصدقاء الصادقون الأوفياء اعلام خفاقة في سماء الحياه وجسور مضروبة على ظهر البر والبحر يعبر عليها الأصدقاء بثقة وامان إلى ميادين الإخلاص والوفاء .
والصديق الصادق في صداقته يعتريه شعور بأنه أخ شقيق لصديقه او اقرب رغم ان الأخ في اغلب الاحيان يكون هو الصديق والعضيد والعزوه والقوة المسانده ورابط صداقته متين اذا صفت النيه وغلب العقل على العاطفه التي ربما تؤثر عليها بعض المؤثرات الدنيويه والعوارض الوقتيه .
ومماسبق نتوصل إلى أن الصديق الناصح الصادق الوفي عملة نادره في هذا الزمان
واذا وجد فهو كما جاء في ثنايا المقال نعمة من نعم الله تعالى على عباده التي لاتحصى
والحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينامحمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
بقلم /بقيش سليمان الشعباني
محافظة /الخرج ١٤٤٣/١٠/١٦ للهجره