كل شيء في هذه الحياه له ضد اونقيض اونظير يمنع وجود أحدهما الاخر فلا تجتمع
الاضداد لاختلاف الفعل والطريقة والهدف والمبحث هنا عن الاضداد في صفات الإنسان واخلاقه وسلوكه في تعامله مع الاخرين وخصوصاً لين الجانب ورقة القلب ودماثة الاخلاق ونقيضه القسوة وتعني غلظة القلب وفظاظته وشدته وميله الي سوء الاخلاق
وقبل البحث في هذه الصفات لدى الإنسان العادي نتكلم بايجاز عن صاحب الخلق العظيم
نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حيث قال الله تعالى عنه((وإنك لعلى خلق عظيم)) الايه
وصاحب القلب اللين الرؤوف الرحيم حيث قال عنه ربه جلا جلاله(( فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لنفضوا من حولك)) الايه اي لوكان قلبك يتصف بالخشونة والشده وغلظة الطبع لتفرقوا من حولك فَرَقاً من الطباع القاسيه وقسوة المعامله التي لايستسيغها الإنسان اياً كان .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم (إنما بعثت لاتمم مكارم الأخلاق)الحديث
فقد كان عند العرب الكثير من الأخلاق والصفات الفاضله من لين الجانب والأخلاق الحسنه مثل بر الوالدين وصلة الرحم والكرم والشجاعه والإحسان الي الجار واكرام الضيف وغيرها من الأخلاق الحميده التي اقرها الإسلام وتممها النبي صلى الله عليه وسلم وكان هو عليه الصلاة والسلام الاسوة والقدوة الحسنه لامته في مكارم الأخلاق وحب المساكين وضعاف الناس والايتام وقليلي الحيله ومعدومي الجده وذات اليد وكان كثير الإحسان إليهم ويمد لهم يد العون بمايجد حيث كان صلى الله عليه وسلم ينفق أنفاق من لايخشى الفقر كما شهد بذلك رجل أعطاه النبي غنماً بين جبلين فرجع الرجل الي قومه فقال ياقوم أسلموا فأني جيتكم من رجل يعطي عطاء من لايخشى الفقر فاسلموا رغبة بالعطاء وليس بالاسلام وقد أعطى صلى الله عليه وسلم شيوخ القبايل من المؤلفة قلوبهم مائة ناقه لكل منهم تأليفاً وترغيباً لهم في الاسلام مثل عيينه بن حصن سيد غطفان والاقرع بن حابس سيد بني تميم وغيرهما .
قال سعد بن هشام سألت أم المؤمنين عائشه رضي الله عنها فقلت اخبريني عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت أما تقرأ القرأن قلت بلا قالت خلقه القرآن .
قال انس بن مالك رضي الله عنه خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين ماضربني ضربه ولاسبني سبه ولا انتهرني ولا عبس في وجهي وفي حديث اخرماقال لي لشيء صنعته لما صنعت هذا .
وعنه ايضاً قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم احسن الناس خلقاً وكان لي اخ صغير اوفطيم يقال له ابوعمير وكان اذا جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ماذا فعل النغير يااباعمير والنغير عصفور صغير لديه .
وكان صلى الله عليه وسلم من أدبه وتواضعه وحسن خلقه يقف مع الجارية السوداء ليقضي حاجتها لايصرفه عنها حاجة كبار القوم .
كان صلى الله عليه وسلم ليناً حتى مع المشركين و المؤلفة قلوبهم من غلاظ العرب ودهاتهم كان لايغضب ولاينتقم مالم تغشى او تنتهك محارم الله تعالى .
اما في أنفسنا فماذا نعني باللين ونقيضه القسوه في وقتنا هذا الذي تداخلت فيه الأمور
وتشابهت وفسرت حسب الهوى والمراد وبمعنى اخرطغى الهوى وحب الذات والاعتزاز بالنفس على المفاهيم دون نظرة فاحصة مجرده الى المكارم ونقيضها المفاسد فالكثير الا من رحم الله يرى فعله جميلاً ولو كان غير ذلك ويحب ان يحمد بما لم يفعل فعقله الباطن يوحي له انه فعل الجميل والحسن وهو لم يفعل شيئاً اوفعل عكس ذلك تماماً ، فياليت شعري ان نمثل الإسلام خير تمثيل ونقتدي بنبي الرحمه المهداه محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم فنجعل خلقنا القرآن كما كان خلقه نتتبع ماصح من أخلاقه فنتخلق بها لنسعد بها في الدنيا والاخره ونُسعد بها من تحت ايدينا ومن حولنا ومن نتعامل معه ويتعامل معنا ، اين نحن من حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الا اخبركم بمن يحرم على النار وتحرم النارعليه كل هين لين قريب سهل )
وحديث ابي هريره رضي الله عنه ان رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم (فقال يارسول الله اني لي قرابة اصلهم ويقطعوني وأحسن إليهم ويسيئون الي واحلم عليهم ويجهلون علي قال صلى الله عليه وسلم لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل ولايزال معك من الله ظهير عليهم مادمت على ذلك )
وفي الامثال عند بعض الشعوب يقال بالمثل العربي من لانت كلمته وجبت محبته .
وفي المثل الانجليزي باللطف تفتح جميع الابواب .
وفي المثل الفارسي اليد اللينه تقود الفيل بشعره .
ويروى عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه قوله لن لمن غالظك فيوشك ان يلين لك .
ويقول زياد ابن ابيه لن من غير ضعف واقس من غير عنف .
ويقول جبران خليل جبران لا تكن قاسياً فتكسر ولا ليناً فتعصر .
وفي هذه الحكم والامثال نرى انها تميل الى التوازن بين النقائض والاضداد فلا إفراط ولا تفريط ولا غلو ولا جفاء .
وهناك الكثير والكثير جداً من الآيات القرآنية والأحاديث النبويه والحكم والامثال التي تحث على لين القلب والجانب والخلق الحسن والرافة والرحمه والبر والوصل واللطف وحفظ اللسان والجوارح عن خدش كرامة الإنسان .
جعلنا الله تعالى جميعاً ممن تخلق بالقرآن وهدي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم والحمدلله رب العالمين اولاً واخيراً .
كتبه/بقيش سليمان الشعباني
الخرج١٤٤٣/١٠/٢٤ هـ